اخر قناعة في المراهق
لمّا نضجْتُ
تغيَّرت كلُّ المعاني والمفاهيمُ القديمةُ للرُّجولةِ والرِّجالْ
لمَّا بلغتُ العشقَ طفْلاً
لم ألقَّن حينَها
أنْ كيفَ تمْتلِكُ النِّساءُ عوالِمَ الرَّجلِ المنيعةَ بغتةً
فيصيرُ لمّا تستبدُّ عدُولُها ضرْباً
من الضَّربِ المُحالْ
وتحوَّلت كلُّ الأساطيرِ الَّتي
تحبُو على قَصَصِ الخَيالِ
حقيقةًً
حتَّى تعجَّب مُنْكِراً تصديقََها ذاتُ الخيالْ
لمّا عشقْتُ
هويتُ مكتوفَ اليدينِ بحُفرةِ العُشَّاقِ
لاخِلٌّ يَهُبُّ لنجدتي
حين الصِّياحِ
ولا من الْمنفى هُروبٌ وارْتحالْ
سَقَطَ الْفؤادُ مخالِطا أقرانَه
وكأنَّنَا كُنَّا نُسَخَّرُ للنساءِ
نَمُدُّ أفئِدةَ الرِّجالِ على إمْتدادِ الأفْقِ
قُرباناً
يُعبِّرُ عن قداساتِ المحبَّةِ والْجمالْ
مذْ أنْ عشقْتُ تحوَّلت
كلُّ الأحاسيسِ الحبيسةِ حُرَّةً
وتسابقت تحكي إلى الأطفالِ ما يُعنى من العشق الحلالْ
أنَّى تكونُ الآمراتُ من النِّساءِ
ملكْن ناصيةَ الغرامِ وأمْرَهُ
فيلوحُ ذاتُ الصّوْلجانِ بكفِّ من أهوى بشيراً صادقاً
فتُديرني أنَّى تشاءُ وتبْتغي
ذاتَ اليمينِ أو الشِّمالْ
حتّى إذا طُوِّعتُ في الْعشقِ المصيرِ مُسَخَّراً
أدْركت أنّي قد بلغتُ بحينِها قدْر المُرُوءةِ والرِّجالْ
حينَ التقيتُ حبيبتي عندَ المغيبِ
فلامست بالحبِّ آفاقَ الحنينِ بأضلعي
واحْمَرَّت الأجْفان من شفق التَّوادُدِ
زقزقت
كلُّ الطيورِ بكلّ غصنٍ من شجيراتِ الْهوى
كانت تذوبُ بداخلي كالسُّكر المخفوقٍِ تمنَحني ابتسامُتها ارتياحيَ
كي أنامْ
حين التقيت حبيبتي عند المغيب تصعَّدت كلُّ الدِّماء تظلُّ تخفقُ رغدةً
فجناحُ كلِّ قطيرةٍ قد كانَ رمزاً للسلامْ
حين التقيت حبيبتي
نَضِبَت ينابيعُ الدموعِ
تَفَجَّرت كلُّ العيون سعادةً
فالآن تُعلنني الطَّريقَةَ والمقامْ
حين التقيت حبيبتي ولمحتُ تِنِّينَ الهوى
إذ ظلَّ يَنْفُثُ من لهيبِ العشقِِ يُشْعِلُني ويُشْعل نزْوَتِي
فتُحَرَّقُ الأحشاءُ تنْفجرُ العيونُ مودةً
أدركت حقّاً حينها
معنى التّلذذ بالغرامْ
حين التقيت حبيبتي
وقفت شعيراتُ الفؤاد تقدِّم الإجْلال تعتنِقُ الوَلاءَ
فيأخُذُ الإحساسُ في وكْرِ الهوى شكْلَ إفْتخارٍ
كالْوسامْ
حين التقيتُ حبيبتي
سَحَرَتْ مَوَاقيتَ الصَّباحِ بأسْرِهَا
إذْ أعْلنَتْنيَ دوْلَةَ الأضْواءِ تُعْلِمُني بأنَّ غرَامَها شمْسُ الشُّموسِ وسيِّدُ العُشّاقِ
انِّي
فوقَ عُشَّاقِ السِّنينْ
أنَّي تَشَبَّعتُ إرتواءً من ضِياءِ العشْقِ حتَّى قدْ توارَتْ كلُّ ظُلماتِ الزَّمانِ وأشْرقت
كلُّ المِساحاتِ الكئِيبةِ وقْتَهَا
إذ ظلَّ نورُ جمالِها أُضويهِ حُبّا بالْجبينْ
هيَ صُورةُ الْحسْناءِ في ثوبِ الأُنُوثَةِ كُلِّها
ظلَت تَمَايَلُ
بلْ تَمُوجُ
وحولَها كلُّ النِّساءِ وقفْن يحْرُسْنَ الأُنُوثَةَ دهْشةً
حتى بدين أمامَها كالْهائمينْ
وَقَفَتْ تُشيرُ بِحِسِّها للزَّهْرِ تُعْلِمُهُ بأنَّ ربيعَه المنْشودَ
جاءَ بخدِّها َفتفَتَّحَتْ كلُّ المُرُ وجِ وأنْبَتَت
من كلِّ فَجٍّ
كلِّ صوْبٍ
ياسمينْ
أحْببْتُها
منذُ إشْتِهَاريَ أوَّلَ الأيَّامِ باسْمِيَ
مُذْ يُناديني الرِّفاقُ بِكُنْيَتِي
منْ ثَمَّ راحُوا يُلْحِقُونَهُ وصْفَهَا
حتَّى اسْتَقَرُّوا
حِينَما نُودِيتُ أوَّلَ مرّةٍ فغدوتُ أُعْرَفُ باسْمِ
صاحبةِ الْمحاسِنِ والْبَهاءْ
هيَ من تُعَلِّمُنِي المحبَّةَ والْمَودَّةَ والإخاءْ
هي من تُبَادِلُنِي الحياةََ ببرزخِ الْعُشَّاقِ لا أبْغي خُرًُوجاً
بعْدَمَا طَابَ الْبقَاءْ
أوّاهُ حينَ تَغيبُ تنْشَقُّ الْعيونُ
وتنْجلي فيَّ السَّعادةُ هشّةً
فأرومُ نصْرَ الإنْتحارِ لتستريحَ جوانِحي لكنَّما
قد صيَّرتْني بعْدها كَفَرَاشَةٍ
دارَتْ على النِّيرانِ فانْطفأَت مَصابِيحُ الْبَسِيطَةِ والسَّماءْ
أوّاه حينَ تُحِسُّ بي ضَجِرا منَ الأشْواقِ تأْتِينِي تُعَجِّلُ خَطْوَها
فأذُوبُ من فرْطِ السََّعادةِ والبُكاءْ
لمَّا أَرَاهَا عَذْبَةً تمْشي تُماسِكُ أذْرُعَ النِّيليْنِ
يلْتَقِيَانِ عنْد أكُفِّها فيفيضُ نيلٌ للْجمالِ بِخِدْرِها
فَتَمُدُّهُ بالْحُسْنِ مَدّاً من نَقاءْ
لمَّا تُلَقِّنُ ظُلْمَةَ الْخُرْطُومِ تُلْهِمُهَا
لِتُصْبِحَ في الدُّنا
أُمْثُولةً
تَصِفُ النَّضَارَةَ والضِّياءْ
أوٍ ألْتَقِيهَا مُثْقَلاً بالشَّوقِ نَشْرَبُ حًُلْوَ قَهْوَتِنَا الْمُضَاءَةِ بالْهوى
فَتُوَقِّعُ الرَّشْفاتُ مِيثاقَ التَّعلُّقِ والْوَفَاءْ
والْقهْوةُ السَّوداءُ نسْمَعُهَا تُغَنِّي أعْذَبَ النَّكهاتِ
تُلْهِمُنَا طُقُوسَ الْعِشْقِ ما دامَ اللِّقاءْ
أشتاقُها
حتَّى أكَادُ أكُونُها
وأكُونُنِي
ذاتَ الهُنَيْهَةِ نَفْسِهَا
والْمَشْهَدُ السِّحْرِيُّ يبْتدرُ الغَرابَةَ في المساءْ
لمَّا تَميلُ بخدِّها ذاتَ اليَمِينِ لوهْلةٍ
وتمسُّ صدْغي رِقَّةً
فأصيرُ بعدَ مَسَاسِها كُلَّ الرُّجولَةِ والْحياءْ
أوْ ألْمَحُ الشَّفَتَيْنِ تَقْتَرِنَانِ بالْحُلُمِ القديمِ بقُبلةٍ
فَتُحَطَّمُ الأسْوارُ
يُقْتَحَمُ الْجُمُوحُ بِنَزْوَةٍ تَصِلُ الْفضاءْ
حََّى أضُمُّ الْحُسْنَ
يُصْبِحُنِي وأُصْبِحُ بِضْعَهُ
فتُعلَّقُ اللَّحظاتُ في سحرٍ غرامِيٍّ عَجِيبْ
أوْ تسْتَلِذُّ رِئَاتُنا لمَّا تَنَفَّسَت الزَّفِيرَ تَشابكَت كلُّ الْخُيوطِ
تَبَدَّلَتْ
وكأنَّما طَلَعَ الصَّباحُ من المّغِيبْ
وكأنَّما كُنَّا حَجِيجاً في بُيوتِ الْعشقِ تَلْمَحُنِي أُكَبِّرُ باسْمِهَا
ونَرَى الْجَمَالَ يَطُوفُ باللّحظاتِ
يُحْرِمُنَا
يُهَلِّلُ بعْدَهَا
"عِشْقٌ غَرِيبْ"
أمْرٌ يُعَلِّمُنِي التَّبَسُّمَ كُلَّما قدْ لاحَ وصْفٌ للهوى
مذْ جِئْتُ أحْمِلُ أرْضَ جَنَّاتِ الغَرَامِ بكَفَّتي
دهْراً
لأبْقى حامِلاً أرْضَ الْمَحَبَّةِ كُلَّما لاحَ الْحَبيبْ
أيْ كُلَّما لاحتْ عَلاماتُ الْمحَبَّةِ بيْنَ فِتْيانِ الشَّوارِعِ فُتِّحَت أبْوَابُها
فالْكُلُّ بيْنَ حَضَارَتِي أهلاٌ حَبِيبْ
مذْ تَوَّجَتْنِي أجْملَ الْعُشَّاقِ
ودَّعْتُ الزَّمانَ وأهْلَهُ
مذْ َشَكَّلتْ منْ طِينِ صَلْصَالِ الْمَحَبََّة قامَتِي
من ثَمَّ رشَّت فوْقَ أجْنِحتي رَذاذاً من رُجولاتٍ وطِيبْ
مذْ صيَّرتْني عَالِقاً بيْنَ المَحَاسِنِ هَائِماً
أدْركْتُ أنَّ قناعَتي في الكونِ زِيفٌ وافْتِرَاءْ
لمَّا عشِقْتُ تَغَيَّرت بَعدَ النُّضُوجِ قناعَتِي
إذ أصْبَحَتْ
خُلِقَ الرِّجَالُ جَمِيعُهُم في الأصْلِ من ضِلْعِ النِّساءْ